الأبناء بين التربية وتحقيق الذات
الأبناء بين التربية وتحقيق الذات
بقلم :نورهان ابراهيم.
لعلنا لاحظنا في الآونة الأخيرة ارتفاع أصوات الدعوة إلي تحقيق الذات، وأصبح الربط بين العمل وتقدير الذات كبير، فتحولت الوظيفة من وسيلة تعيننا علي الحياة إلي هدف نسعي إليه، فأصبحت هي الحياة، وأصبح الإنسان المعاصر مهووس بالانتاجية والعمل، وللأسف قد وقع كثير من الناس في هذا الفخ.
الفخ الذي أعدته لنا الرأسمالية، فحتي يتمكن المدير من إقناع الموظف بإعطاء الأولوية لعمله، عليه أن يقنعه أن هذا العمل ليست قيمته فقط في المال، وإنما قيمته فيما هو أغلي من ذلك، ألا وهي النفس البشرية، فلا تحدثني عن أخلاقك، ولا عن قوة علاقاتك ولا عن كل ذلك، بل اخبرني عن الماديات، أخبرني عن عدد المشاريع التي تعمل عليها، عدد المحاضرات التي تلقيها، ولاسيما عدد متابعينك علي حسابك الشخصي!
عزيزي الإنسان المعاصر
اهدأ...
ليست غايتك في الدنيا الوظيفة، ضع كل شئ في مقامه الصحيح.
إذا أعطي الأب الأهمية لعمله في المقام الأول، وفعلت الأم كذلك، من سيعتني بالأبناء؟!
من سيهتم بالأسرة؟
وهل أصلا مفهوم الاعتناء بالأبناء يقتصر في دفع بعض الأموال أم هو معني أشمل من ذلك؟
في الحقيقة في مثل هذه التساؤولات كثير ما ينقسم الناس إلي قسمين:
القسم الأول: يري أن علي المرأة أن تلتزم بيتها وتربي الأبناء ولا تخرج للعمل.
والقسم الثاني: يري ذلك ظلما، فعلي المرأة أن تحقق ذاتها.
ولكن ماذا عن الرجل؟
الرجل الذي ربما يمارس دورا اجتماعيا في العمل، كرئيس مجلس إدارة أو نادل أو كاشير، وفي الأسرة يمارس دورا اجتماعيا آخر كزوج أو أب.
هل أصبحنا نحن كأباء وأمهات نعطي لرؤوساء العمل حقوقهن علي حساب حقوق الأسرة ومن نعول!
لعلنا نحتاج وقفة مع الذات
فالأسرة مسؤولية الطرفين وليس طرفا دون الآخر، وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، وإذا أردت أن تهدم أمة، فقم بتشتيت شملهم.
هذه ليست دعوة لترك العمل والوظيفة، بل دعوة لترتيب الأولويات، فالأب الذي يعتقد أنه بتوفير المال والطعام لأبنائه ليس مقصر، فهو مخطأ، والأم التي تعتقد أنها بلا قيمة؛ لأنها قررت أن تترك العمل أو تقلل ساعات عملها لترعي طفلها، فهي أيضا مخطئة، فأعظم عمل تقوم به أن تقدم للمجتمع أبناء صالحين.
أبنائك يحتاجونك بجانيهم، يحتاجون أن تخصص وقتا لهم تسمعهم فيه، أن تشاركهم اهتماماتهم، في حاجة أن تعطيهم الحب والتقبل أكثر من أن تعطيهم الأموال.
فلا تنجب إن لم تكن أهل بتلك المسؤولية، لا تنجب طفل قبل أن تتأكد أنك تستطيع أن تخرج فردا صالحا سوي نفسيا للمجتمع، فهنا قد تكون أديت رسالتك أمام الله.
يتبع..
تعليقات
إرسال تعليق